
جلسة مع قرارات العام الجديد
..
في اللحظة التي تقرأ فيها هذه السطور يجلس الملايين حول العالم يخططون لعامهم الجديد ويحلمون بإحداث تغييرات ايجابية في حياتهم وعملهم وصحتهم.
هناك من سيكتفي بالحلم وهناك من سيحاول وضع أهدافه في اطار خطوات عملية قابلة للتنفيذ.
الكثيرون يبدأون، ولكن القلة منهم من سيبقي عينيه على الهدف ولن يستسلم للاغراء واليأس.
في هذه اللحظة بالذات هناك أيضاً من ليس لديه أي هدف واضح، يواجه عامه الجديد باستطلاع توقعات الأفلاك وهو يندب العام الذي مضى ويتندر بأن كل سنة باتت أسوأ من سابقتها، غير مدرك أنه مسؤول وبدرجة كبيرة عن حياته وصحته وحظه.
لن تتغير حياتنا من تلقاء نفسها ولن يأتي فارس على حصان يحقق لنا سعادتنا، ولن تهبط ثروة من السماء كي تسدد عنا ديوننا، ولن تحمل السنة القادمة اختراع عقار ينقص أوزاننا ويعيد لنا شبابنا وصحتنا. نحن وفقط نحن من يحدث التغيير، ومن دون القيام بتغيير جدي ستتعاقب السنون وسنلوم كل سنة أنها أسوأ من سابقتها.
..
لن أبالغ وأقول أن سنة ٢٠١٨ كانت أفضل سنة في حياتي، ولكنني يمكن أن أقول أنني راضية جداً عن نفسي وعن انجازي وعما حققته فيها. و رغم أنها كانت سنة متعبة ومرهقة لم يتسن لي الوقت ولا الظروف لتحقيق كل ما أرجوه منها، إلا أنني لا ألوم نفسي لأنني أدرك أنني بذلت فيها كل ما أمكنني تحمله و”لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”.
في جلسة قصيرة لم تتجاوز النصف ساعة وفي صفاء ذهن غير مسبوق، أجريت مراجعة سريعة لهذه السنة و وضعت أولوياتي للمرحلة القادمة. كل شيء واضح وبسيط، أولوياتي هذه المرة تعدت النجاح والركض وراء الأهداف ليكون الهدوء والتقاط الأنفاس احدى أهم الأولويات، وللالتفات لمنى الانسانة الأولوية المطلقة.
من أولوياتي الصحية اعطاء وقت أكبر للحركة وممارسة الهوايات الممتعة والخروج مع الأصدقاء، وان كان ما زال ينتظرني استحقاق مهم يجب أن أعمل عليه في الشهور الأولى من السنة من المؤكد أنه سيشغلني عن كثير من الأمور. وهذا طبيعي فلا مكان في الحياة للتوازن المطلق ولكل فترة من حياتنا أولوياتها التي تشغلنا لبعض الوقت عن أولوياتنا الأخرى التي يأتي دورها في أوانها المناسب.
ما زلت أحلم بيوم أتفرغ فيه للكتابة ومساعدة الناس كي يتعلموا كيف يتحملون مسؤولية صحتهم النفسية والجسدية، أخطط أن يكون هذا اليوم قريباً وليس مجرد مشروع مؤجل لسن التقاعد.
و رغم كثرة الأعباء والمسؤوليات تبقى أهدافي الصحية وعاداتي الغذائية جزءاً لا يتجزأ من روتين حياتي، والذي طرأت عليه تغييرات ايجابية بطيئة وتدريجية على مر السنين. وكما أنه لا يمكن لي أن أنسى تفريش أسناني صباحاً، كذلك تعودت على تناول الشاي بدون سكر وكرهت الخبز الأبيض والشيبس والبطاطا المقلية والهمبرغر، لدرجة أنني وحتى في حالة الجوع وعدم توفر بدائل وبغض النظر عن موضوع الصحة فإنني لا أشتهي مثل هذه الأطعمة أبداً.
إنها قوة العادة والتي لا تحتاج معها للمعاناة ولا لقوة الإرادة. فالعادة طفل مدلل نربيه بالعناية واللطف والصبر، وليس طفرة مفاجئة ولا حمية سريعة أو موضة حديثة.
لنترك أهدافي وقراراتي وحياتي، ماذا عن حياتك أنت؟
ما هي أهدافك وقراراتك؟
ما هو الهدف أو العادة الصحية التي اذا ما اكتسبتها ستحدث تغييراً كبيراً في حياتك وصحتك ومستقبلك؟
هل هو ممارسة الرياضة أم الامتناع عن تناول السكر الأبيض للتخلص من السمنة وعلاج السكري والضغط والاكتئاب؟ أو محاولة تخفيف السترس والحصول على قدر كاف من النوم والراحة؟
حدد هدفاً واحداً فقط واكتبه على ورقه تعلقها أمامك وتضعها نصب عينيك.
اعمل على عادتك الجديدة ببطء وعاملها بصبر وحب.
ستمر أوقات لن تلتزم فيها بهدفك وستشعر أحياناً باليأس والرغبة في الاستسلام. لن تحصل بسهولة على نتائج سريعة وستحتاج الى تكرار المحاولة صباح كل يوم جديد ،ولكنك ستمضي واثقاً في طريقك نحو حياة أكثر صحة وسعادة و رضا.
..
أتمنى لكم عاماً هنيئاً ملؤه الصحة والحب والتوفيق
كل عام وأنتم بصحة وعافية.
..
كل عام وانت بخير وصحة وسلامة يارب