ونحن نتقدم بالعمر قد نشعر ببعض القلق من موضوع التقدم في السن، ولكن لا يجوز أن نسمح لهذا القلق أن يدمر أفضل سنين عمرنا.
نعم هي أفضل السنين.. لم تكن السنوات السابقة أفضل والكثيرون يدركون ذلك فقد تجاوزنا الكثير من العقبات والمسؤوليات والصعوبات النفسية واكتسبنا الحكمة والكثيرون منا يملكون الآن وقتا أكثر و ربما أيضا صحة وطاقة أكثر من أي وقت مضى لكنه الخوف من الغد ومن التقدم في العمر يقف حائلاً بيننا وبين الحياة التي نبغيها فعلا.
كلنا نكبر ونتقدم في العمر، سنة الحياة التي لا تقبل التغيير.
ولكن كيف نحوَل هذه الحقيقة الكونية الى نعمة ونستمتع بمنحة الحياة قدر الامكان حتى النهاية؟
كيف نكبر بطريقة جيدة وجميلة وحكيمة ونستفيد من أعظم نعمة “الحكمة” التي حصلنا عليها بعد جهد وصبر ومعاناة؟
ربما قد حان الوقت كي نفكر كيف نكبر وكيف نعيش سنواتنا القادمة.. هذه السنوات التي قد تطول أو تقصر لكنها تشكل بالتأكيد المرحلة الأهم والأنضج والأكثر عطاء، إنها المرحلة الأكثر تطورا وكمالا وجمالاٌ، والتي للأسف كثير ما يقضيها الإنسان في أسف على ما مضى وقلق مما هو آت.
هذه المرحلة التي ندعوها منتصف العمر وكما يدل اسمها ليست نهاية العمر واذا استثنينا مرحلة الطفولة والتي ورغم أثرها الكبير على شخصيتنا وحياتنا، الا أننا ربما لم نملك أن نعيشها كما نريد، ثم بالتدريج بدأنا بامتلاك زمام حياتنا بدرجات متفاوتة، حتى وصلنا للعمر الذي نمتلك فيه الحكمة ومزيدا من الحرية وربما المال والوقت وأيضا الصحة، انه المرحلة الأكثر كمالا في سلم التطور، وأبلغ تفسير لما يبلغه الانسان بعد سن الأربعين من التطور على سلم الكمال البشري هو قوله تعالى: (حتى اذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة)
إنه سن كمال العقل والفهم والحكمة التي ليس من الممكن بلوغها في سن مبكر، هذه السن هي ذروة تمام نعمة الله على الإنسان واكتماله البشري، هذه النعمة التي يعيشها أغلبنا في التحسر على الشباب الذي ولَى والقلق مما هو آت.
هذا الموضوع له أبعاد كثيرة فلسفية وروحية ونفسية واجتماعية وعاطفية وأيضا طبية.
هو نفس السؤال الأزلي للانسان .. الى أين ؟ وماذا بعد؟ ولكنه أيضا يرتبط بالخوف من المرض والشيخوخة والتساؤل حول كيف سنقضي تلك السنين وذلك العمر الذي نرهب مجرد فكرة الوصول اليه.
ليس الحل بالهروب من هذا السؤال والتظاهر بأن لا شيء يجري ..
كلنا بعد عمر معين نبدأ بالتراجع الفيزيولوجي لكن هذا التراجع في الظروف الطبيعية تراجع بطيء وتدريجي فالله قد خلق لنا هذا الجسد كي يخدمنا حتى آخر العمر حيث يضعف الجسد بشكل تدريجي وطبيعي حتى تنتهي مهمته على هذه الأرض والمرض ليس قدرا على الجميع.
لا أحد يعرف ما يخبئه له القدر ولكننا نبقى مسؤولين عن حياتنا وصحتنا والوقاية خير من العلاج.
عبارة ( To age well) هي ملخص الفكرة كلها أي العيش بصحة نفسية وجسدية وروحية والتمتع بنعمة الحكمة والصحة.
www.doctormuna.com | designed by: Hammam Yousef :: Copyright © 2017 - 2020