د.منى كيال

أخصائيــة في التشــخيـص
المخبـري والمايكروبيولوجي

نحو صحة وشباب وحيوية لا تعرف عمراً

عجائب الغذاء- اللبن الرائب معجزة الطبيعة

اللبن الرائب معجزة الطبيعة


كائنات صغيرة تتكاثر في الحليب لتغير في صفاته وطعمه وتحوله الى معجزة طبية حقيقية، إنها الجراثيم اللبنية التي تخمر الحليب لتصنع منه اللبن الرائب أو الياغورت وغيره من مشتقات الحليب المخمرة والتي تحتوي على ملايين من الجراثيم المفيدة.

يحتوي اللبن الرائب على جراثيم حية تنتج خميرة اللاكتاز التي تخمر سكر الحليب (اللاكتوز) الصعب الهضم. يمتلك اللبن الرائب خواص مختلفة تماماً عن الحليب، فعملية تخمير الحليب تغير من خواصه وتجعله سهل الهضم، ويحتوي اللبن الرائب على الباكتريا المفيدة للأمعاء التي تفرز مواد شبيهة بالمضادات الحيوية تقضي على الجراثيم المعوية الضارة وتعالج عسر الهضم، كما أنه مفيد  لصحة الجهاز المناعي، حيث يمكن القول أن سبعين بالمئة من جهازنا المناعي يتواجد في الأمعاء.

غذاء العمر الطويل

يرجع العلماء سبب زيادة نسبة المعمرين في دول البلقان وتركيا الى زيادة استهلاك اللبن الرائب، والذي يطلقون عليه هناك لقب ”غذاء العمر الطويل“، ويعتبر اللبن الرائب غذاء كاملاً لاحتوائه على كل العناصر الغذائية الأساسية كالبروتينات والكربوهيدرات والدهون، اضافة الى الكثير من الفيتامينات والأملاح المعدنية، وباحتوائه على البروتين والكالسيوم وفيتامين د يدعم العظام ويساعد في الحفاظ على الكتلة العضلية ومنع الترهل وتراكم الدهون في الجسم.


مكافحة السمنة

أظهرت مختلف الأبحاث في مجال الميكروبيوم أن أمعاء الناس البدينين تفتقر الى التنوع الجرثومي المطلوب وتحتوي على عدد أقل من الجراثيم المفيدة بالمقارنة مع الأشخاص ذوي الأوزان الطبيعية. هناك أنواع معينة من جراثيم الأمعاء يساعد على نموها وتكاثرها كثرة تناول الحلويات والمواد المصنعة والمكررة، وهذه الجراثيم لها تأثير ضار على المدى الطويل وتتسبب بعمليات التهابية بطيئة تقود الى العديد من المشاكل الصحية بما فيها البدانة وتصلب الشرايين والسكري.

ان تناول كميات مناسبة من الأطعمة المخمرة (Probiotic) كاللبن الرائب واللبنة والقريشة والمخللات والزيتون، لها دور رئيسي في توازن الفلورا المعوية والمساعدة على انقاص الوزن الزائد، اضافة الى ضرورة تناول الأغذية  الغنية بالألياف (Prebiotic) كالخضار والحبوب الكاملة والتي تتغذى عليها جراثيم الأمعاء المفيدة.

مهدىء للأعصاب

للبن تأثير مهدئ يساعد على النوم ويخفف التوتر وضغط الدم والاكتئاب، لاحتوائه على التريبتوفان الضروري لتصنيع السيروتونين والميلاتونين، والتربتوفان هو حمض أميني لا يصنعه الجسم، بل يجب الحصول عليه من النظام الغذائي، كما يحوي اللبن كمية جيدة من فيتامينات ب الضرورية لصحة الجهاز العصبي خاصة فيتامين ب١٢وفيتامين ب٢، اضافة الى احتوائه على المغنزيوم.

أن معظم كمية السيروتونين في الجسم تصنع في الأمعاء، وكما هو معروف فان السيروتونين (هرمون السعادة) هو من أهم الناقلات العصبية الدماغية، وترتبط المستويات المنخفضة من هذه المادة الكيميائية مع ظهور أعراض الاكتئاب.

  •   فمن الضروري لصحتنا الجسدية والنفسية المحافظة على توازن جراثيم الأمعاء عن طريق تناول البروبيوتيك (Probiotic) وهي الأطعمة المخمرة الحاوية على الجراثيم المفيدة ومنها اللبن الرائب، وأيضاً على البريبيوتيك (prebiotic) وهي الأطعمة التي تتغذى عليها جراثيمنا المفيدة خاصة الأغذية الغنية بالألياف كالخضار والفاكهة والحبوب الكاملة.

 

  •  ويجب الانتباه الى أن كثيراً من منتجات اللبن الرائب التجارية لا تحتوي  على الجراثيم اللبنية المفيدة بكمية كافية نتيجة عمليات البسترة والتصنيع،  فيفضل شراء اللبن الرائب المصنع يدوياً، كما من الممكن بسهولة تحضير اللبن في البيت باضافة بعض اللبن الرائب الغني بتلك الجراثيم و مزجه مع الحليب الدافئ وتركهم لليلة واحدة، حيث تقوم جراثيم اللبن بتخمير الحليب وتحويله الى لبن رائب.

 

ومن حسن حظنا فإن اللبن الرائب خاصة يدوي الصنع متوفر بكثرة في بلادنا، ويوجد وصفات وطرق عديدة لاستخدامه، فاللبن الرائب معجزة طبيعية و وجبة صحية، وعدا عن طعمه المحبب وامكانية تناوله بأشكال مختلفة وادخاله في تحضير مختلف المأكولات الشرقية والغربية، فانه غذاء كامل مضاد للشيخوخة وله تأثير عظيم على صحتنا النفسية والجسدية.

ضع تعليقك هنا