د.منى كيال

أخصائيــة في التشــخيـص
المخبـري والمايكروبيولوجي

نحو صحة وشباب وحيوية لا تعرف عمراً

شيخوخة الخلايا والجلوس المديد

الجلوس المديد هو مرض الحضارة المعاصرة الخالية من النشاط وطبيعة الأعمال التي تعتمد على الجلوس المديد لساعات طويلة أمام شاشة الكومبيوتر أو خلف المكاتب والاستراحة بعد ذلك أمام شاشة التلفزيون، والجلوس هو حالة غير طبيعية للجسم فالإنسان عبر تاريخه الطويل فُطر على الحركة الدائمة من أجل الحصول على الغذاء والعمل اليدوي والصيد والهروب من الحيوانات المفترسة .

فالجلوس المديد عدا عن آثاره السلبية على العمود الفقري وتسببه بالآلام المزمنة فهو أيضا سبب للإصابة بالشيخوخة المبكرة مع ما يتبعها من الإصابة بأمراض القلب والسكري وضغط الدم المرتفع و ترقق العظام والسرطان .

يمكنك أن تكون رياضياً تتمرن لمدة عشر ساعات أسبوعياََ وتكون في الوقت نفسه مصاب بداء الجلوس المديد، فالجلوس المديد ليس دائما مرادفا لقلة الحركة ولكن السبب هنا هو عدم أخذ فترات من الراحة أثناء مزاولة العمل المكتبي أو الدراسة والوقوف والتحرك والمشي لمدة بسيطة .

أظهرت دراسة حديثة الآثار السلبية للجلوس المديد والعلاقة بينها و بين طول التيلوميرات وهي القطعة الموجودة على أطراف الصبغيات الوراثية والتي يقصر طولها مع التقدم في العمر والتي تعكس الى حد بعيد العمر البيولوجي للجسم.
أجريت الدراسة في جامعة كاليفورنيا سان دييغو وتعد أول بحث لدراسة أثر الجلوس المديد وقلة الحركة على قصر طول التيلوميرات الوراثية وسرعة عملية الشيخوخة، حيث درست العلاقة بين ثلاث مكونات هي:

١- عدد ساعات الجلوس

٢- فترة ممارسة التمارين الرياضية

٣- طول التيلوميرات في الكريات البيض.

أجريت الدراسة على ١٤٨١ سيدة بعد سن اليأس وكانت نتيجة البحث أن الجلوس المديد لأكثر من ١٠ ساعات يومياََ ونقص المدة المخصصة لإجراء التمارين الرياضية أو الحركة لأقل من ٣٠ دقيقة باليوم يمكن أن يحفز الشيخوخة البيولوجية للخلايا بمعدل يصل ل ٨ سنوات مقارنة مع الفئة الأكثر حركة ونشاطا والأقل جلوسا، وكانت النتائج الأفضل لدى السيدات اللواتي يقمن باستمرار ببعض النشاطات والأعمال المنزلية ويتجنبن الجلوس المديد.

نتائج الدراسة تشير إلى أن الجلوس المديد يترافق مع قصر التيلوميرات عند هؤلاء السيدات، بينما وجد عند مجموعة السيدات اللواتي يقمن بمجهود فيزيائي بمعدل أكثر من ٣٠ دقيقة في اليوم أن الجلوس المديد يؤثر بشكل أقل على طول التيلوميرات.

العوامل الأخرى المسؤولة عن شيخوخة الخلايا هي استهلاك التدخين والكحول وسوء العادات الغذائية والتوتر النفسي.

وينبه الأخصائيون الى خطر الجلوس المديد الذي يعادل خطر التدخين على الصحة والذي أصبح يدعى ( The new smoking).

ضع تعليقك هنا