د.منى كيال

أخصائيــة في التشــخيـص
المخبـري والمايكروبيولوجي

نحو صحة وشباب وحيوية لا تعرف عمراً

الجينات الوراثية والبيئة

علم ما فوق الجينات أو Epigenetics:

  علم ما فوق الجينات هو مصطلح جديد يربط بين جيناتنا الوراثية والعوامل الخارجية المؤثرة عليها.

وكما يدل الاسم نتكلم عن موضوع له علاقة بالجينات والوراثة ويعبر عن الجزء المتحرك والمتغير والقابل للتعديل، وهو تعريفا يدرس بشكلٍ رئيسي العوامل الخارجية والبيئية التي تنشط أو تثبط عمل الجينات وتؤثرعلى كيفية قراءة الخلية للجينات .

عندما قيل أننا ندخل عصر الجينات الوراثية وتعديل الجينات وقراءة الخريطة الوراثية حمل ذلك معه أملا كبيرا في القضاء على الكثير من الأمراض ولكن أيضا حمل معه قلقاً كبيراً، فنحن أصبحنا في زمن نستطيع فيه أن نقرأ كتاب حياتنا الصحية المستقبلية متمثلا في خريطتنا الجينية مع ما يحمله هذا المعنى من ايجابيات وسلبيات.

وها قد اجتزنا هذا المشروع الجيني العظيم الذي تكلَف المليارات من الدولارات، لنكتشف أن جيناتنا وحدها لا تقرر مصيرنا، وأن هناك الكثير من العوامل البيئية والخارجية التي يمكن التحكم بها تساعد أو تمنع تعبير هذه الجينات عن نفسها باحداث المرض. أي أن كل واحد منا لديه القابلية للاصابة بطيف واسع من الأمراض لكنه في حقيقة الامر لا يصاب بها الا في ظروف معينة وتحت تأثير عوامل خارجية كالغذاء ونمط الحياة وغيرها.

وما عدا بعض الجينات التي تسبب أمراض وراثية بالضرورة فان الجينات الأخرى ليس لها هذا التأثير الدراماتيكي على مستقبلنا الصحي.

هذا العلم (Epigenetics) يبحث التغيرات الوظيفية (وليس التكوينية) التي تحدث للجينوم البشري Genome (أي للمجموع الجيني الذي نملكه) والتي لا تتضمّن تغييرا في نوكليوتيدات سلسلة DNA.

ومن الأمثلة على هذا النوع من التغيّرات تغيرات كيميائية تصيب الجينوم مثل ميثيلة الحمض النووي (DNA methylation) الذي يعدّل تعبير الجينات عن نفسها (Gene expression)، بدون تعديل سلسلة الحمض النووي التابعة لها. ويسبب هذا الخلل الكثير من الأمراض تبدأ بأمراض القلب والشرايين وأمراض المناعة الذاتية والاكتئاب، ولا تنته بزيادة خطر حدوث الأمراض السرطانية.

كما أن هذه التغيرات الوظيفية يمكن أن تنتقل عبر الأجيال رغم أنها لم تغير في تركيب ال DNA الأساسي، وبالتالي فان عاداتنا السيئة يمكن أن تحدث خللا في وظيفة الجينات يمكن أن ننقلها الى الأجيال القادمة.

الموضوع باختصار أننا نستطيع التحكم بجيناتنا ونساعدها أن تعبَر عن نفسها باحداث المرض أو نمنعها من القيام بذلك عندما لا نوفر لها الشروط اللازمة لهذا التعبير، وهو ما يدخل في مجال الوقاية من الأمراض، فالجينات لها تأثير على صحتنا العامة لا يتجاوز عشرين بالمئة والباقي هو مسؤوليتنا الشخصية.

دمتم بخير و عافية

ضع تعليقك هنا